كتاب تأريخ ملوك سنار والحكم التركي المصري في السودان

كتاب تأريخ ملوك سنار والحكم التركي المصري في السودان: (٩١٠-١٢٨٨ه/١٥٠٤-١٨٧٢م)
تأليف أحمد بن الحاج أبو علي
(كاتب الشونة)
تحقيق البرفسور يوسف فضل حسن

ومؤلف الكتاب هو السيد أحمد بن الحاج أبو علي وقد عرف الكتاب بمخطوطة كاتب الشونة. والشونة كلمة عربية فصيحة هي صومعة تحفظ فيها الغلال. والمؤلف ولد في قوز المسلمية قرب مدينة المسلمية في الجزيرة في العام ١٧٨٥م. وقد التحق بالعمل موظفاً في دائرة هذه الشونة التي أسستها الحكومة التركية المصرية التي أحكمت احتلال السودان في العام ١٨٢١م. قد امتدت فترة عمله من العام ١٩٢٤ وحتى ١٩٣٥ عاد بعدها إلي مسقط رأسه في قوز المسلمية قرب مدينة المسلمية ولم يرد ذكر للسنة التي توفي فيها. واستنادا على موضوع ما دون السيد أحمد بن الحاج أبو علي هذا، فقد اختار المحقق، البرفسور يوسف فضل حسن، الاسم أعلاه. أضاف المحقق أن مدونة كاتب الشونة قد تعرضت للتنقيح والإضافة علي أيادي أربعة رجال هم السادة: أحمد الحاج محمد جنقال وهو جد مولانا خلف الله الرشيد رئيس القضاء الأسبق رحمه الله والزبير عبدالقادر ود الزين، إبراهيم عبد الدافع والأمين محمد الضرير.
ولابد بادئ ذي بدء الإشادة بالجهد الضخم الذي قام به أستاذ الأجيال البروفسور يوسف فضل حسن في تحقيق وتقديم هذا السفر الأهم في تأريخ السودان الحديث وهو جهد استغرق أعواماً عديدة بدأت في العام ١٩٩٢ م وتوجت في العام ٢٠١٨ م بطباعة الكتاب، طباعة أنيقة وجيدة تليق بمحتواه وبالجهد الذي بذل فيه وهو جهد لا يدانيه سوي الجهد الذي بذله بروف يوسف نفسه في تحقيق كتاب” طبقات ود ضيف الله ” في سبعينيات القرن العشرين. والكتابان يغطيان تأريخ السودان الحديث بجدارة إلي مقبل اندلاع الثورة المهدية. هذا بالإضافة لمؤلفاته العديدة باللغتين العربية والإنقليزية والتي تناولت طرفاً مقدراً من تأريخ السودان المعاصر وبذلك أري لزاماً تكريم البروفسور يوسف فضل تكريماً يليق بهذه الخدمة الجليلة التي قدمها للسودان وللمعرفة الإنسانية ، متعه الله بموفور الصحة والقدرة علي مواصلة هذا العطاء المثمر النبيل.
ولا أريد استعراض الكتاب فقد تم ذلك قبل نحو عامين في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم من قبل فضلاء من تلاميذ وزملاء المحقق من المختصين في علم التأريخ بالإضافة إلي إضاءة حسنة للكاتب الصحفي الأستاذ محمد الشيخ حسين بعنوان” غوص جديد في مخطوطة كاتب الشونة”، لكني فقط أود مشاركتكم في بعض ما استرعي انتباهي في صفحات الكتاب الضخم الحجم الذي بلغت صفحاته ٣٣٩من القطع الكبير عدا الملاحق والفهارس التي جاوزت صفحاتها المائة وقد صدر كما أسلفنا ، عام ٢٠١٨ من دار مدارك للطباعة والنشر بمساهمة من شركة زين للهاتف السيار. وما استرعي انتباهي كثير سأشير إلي بعضه لماماً مقيدا بمحدودية المساحة.
أول ما يسترعي الانتباه الجهد الخارق الذي بذله البروفسور يوسف فضل حسن في التحقيق والذي عنون له في مقدمة الكتاب ب ” عملية التحقيق” وأحسب أنه أنموذجاً يحتذي في علم التحقيق. يقول البروفسور:” اهتديت في عملية التحقيق بالإطار النظري والضوابط التي سنها علماء التحقيق. فقد اضطرتني طبيعة النسخ العديدة التي تعاملت معها وطول مداها الزمني الذي قارب الأربعة قرون، وكثرة من أسهموا في تأليفها وتنقيحها وقلة المصادر المعاصرة المتعلقة بمخطوطة كاتب الشونة، علاوة على الإيجاز الذي يغلب على كثير مما أرخت المخطوطة له وغياب دراسات للخلفيات التاريخية لبعض ما تطرقت له. كل هذه العوامل اضطرتني إلي أن أستحدث لنفسي نهجاً يغلب عليه التفصيل في الحواشي واستصحاب الروايات الشفوية لملء الثغرات.” ص٣١
نتج عن هذا النهج في ملء الفراغات، علم نفيس في الثقافة السودانية وسلط أضواء كاشفة علي لطائف في العامية السودانية وفي طرائق العيش وفي الحراك السكاني كما تضمن تعريفات هامة بشخصيات لعبت دوراً في تاريخ هذا البلد أوشك أن يطويها النسيان.
أولي الملاحظات، كما يقول المحقق، هو أن كاتب الشونة بدأ في كتابة مدوناته قبل الغزو التركي المصري حيث كتب في العام ١٧٩١ في سرده لتوالي السلاطين علي الملك،” ثم ملك بادي ولد طبل وهو الموجود إلي الآن.”
أشار المحقق إلي أن الرجال الخمسة المذكورين، الذين أضافوا ونقحوا مدونة كاتب الشونة، قد نالوا وظائف في العهد الجديد لذلك لم يتعرضوا بالنقد لفظائع العهد التركي المصري في جمع الضرائب الباهظة وفي قسوة أحكامهم علي المواطنين باستخدام الخازوق لأول مرة وهو عمود حاد يدخل في دبر المحكوم عليه يعاني من عذابه حتي الموت. وتلك الفظائع وثقها كتاب الدكتور محمد الأمين سعيد المعروف ب (القوي) “سياسة محمد علي باشا في السودان” وأورد المصادر التي تدل علي أنها كانت تصدر بموافقة الباشا نفسه. بينما ألقوا اللوم على ضحايا ذلك الحكم.
يقول أحمد بن الحاج أبو علي، المؤلف الرئيس عن بدء العهد التركي المصري،” ذكر تملك الدولة العثمانية: إن أول من خرج منهم إلي بلاد السودان، وقهر ما بها من طغيان وبدل الظلم منها بالجود والإحسان فيه، عزيز مصر إسماعيل باشا، ابن خادم الحرمين الشريفين ابن الحاج محمد علي باشا والي مصر القاهرة لا زالت سحائب الرضوان عليه تهمي.”
وقد استرعي انتباهي اطلاق صفة خادم الحرمين الشريفين علي محمد علي باشا وكنت أظن أن هذا الاستخدام حديث استخدمه ملوك المملكة العربية السعودية وعجبت كيف لم تطلق علي السلطان العثماني نفسه في الآستانة الذي يعتبر الباشا والياً عنه علي مصر. معلوم أن محمد علي باشا كان عازماً علي ضم الدولة العثمانية نفسها لحكمه ليصبح هو السلطان لولا أن حال البريطانيون بينه وبين ذلك. كذلك وقفت عند وصفه (بالحاج).
وساق المحقق مثالاً آخر علي ممالأة هؤلاء الكتاب للعهد الاستعماري الجديد، ما كتبه إبراهيم عبد الدافع في شأن تمرد كتيبة للجهادية في كسلا لتأخر رواتب أفرادها: ” توجه سعادة جعفر مظهر باشا ( وكيل الحكمدارية) لحرب المفسدين الذين عصوا الحكومة وقطعوا الطريق علي المارة بمديرية التاكا، فبهمته العلية أطفأ نارهم المشتعلة ورد القرار إلي الأجفان حتي أمنت الناس علي أموالها وأعراضها وأباد الله الطاغين.” وعن ذات الحدث كتب الأمين الضرير ” فتوجه الوكيل المشار إليه حال خروجه من المحروسة إلي مديرية التاكا للنظر في أحوالها التي اختلت مما يطول تفصيله وأصلح ما كان فيها من فساد بسبب ما ارتكبه أهل الإفساد، حيث تأججت نار الفتنة فيها ..اختال أولئك المفسدون بها….. فلما قدم سعادة المشار إليه فشن غاراته عليهم بخيله ورجله … ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله فأنزل فيمن كان مفسداً سيف العدالة الخديوية حتي طهرت الأرض من نجاسة أهل المعصية.”
ولعلكم تلاحظون أن اللغة المستخدمة لغة رصينة تدل علي أن التعليم عبر الخلاوي ولدي المشايخ لم يكن سيئاً. لاحظت ذلك في الشعر أيضاً فالوارد جله في مدح الحكام وهو بالقطع ليس من طبقة الشعر الأولي وقد اضطر المحقق كما ذكر إلي تصحيحه أو إعادة وزن القوافي لكنه لا بأس به علي الجملة وليس بأقل درجة من صنوه في بلاد العرب الأخرى في ذلك الوقت حيث لم يصلنا شعراً متميزاً واعتبر جل ذلك في عصر الانحطاط حتي جاء محمود سامي البارودي فجود الشعر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. مثال:
قيلت في رثاء النور ود ضيف الله صاحب الطبقات (١٨١٠م):
أظمآن علم يطلب الرشد والهدي لعمرك أضحي شمله متبددا
دع العين تبكي دهرها بتوجد علي فيض علم كان بالعلم مزبدا
هو الحبر نجل الحبر ضيف إلهنا لقد حاز فخرا للأنام وسؤددا
وجاء في حاشية ترجمة عمارة دونقس أول ملوك الفونج أن اسمه عمير وقيل ايضاً إن اسمه عمارة بن نايل ويكني بدونقس وهي من مقطعين: (دو )ومعناها عظيم ونقس ومعناها نجاشي بالحبشية ويقول المحقق إن صح ذلك فلعله يقوي حجة من يربطون أجداد الفونج ببلاد الحبشة. ( وفي كتاب الدكتور عبد المجيد عابدين : تأريخ الثقافة العربية في السودان منذ نشأتها إلي العصر الحديث ،تفصيل جيد عن أصول الفونج). ووردت كذلك في وصف السلطان عمارة صفة أنه “ذو تنفس واقتدار” وهي كما قال لا تخلو من غرابة في فهم النص.
وذكر أن أربجي أسسها حجازي بن معين في العام ١٤٧٥م قبل ثلاثين عاماً من تأسيس سنار. لكنه استبعد أن يكون قد أسسها هذا الرجل الذي أخذ الطريق علي تاج الدين البهاري الذي زار السودان عام ١٥٦٦. وقال إن محمد متولي بدر يقول إن أربجي كلمة نوبية تعني مكان العرب. وعلي ذلك يكون العرب قد توغلوا في الجزيرة منذ زمن بعيد.
يشير المحقق إشارة هامة إلي أن الجزء الأول من سيرة ملوك الفونج كان موجزاً للغاية لا يتجاوز سنة اعتلاء الملك أو السلطان للملك وسنة وفاته هكذا دون تفصيل يذكر لكنه ومنذ عهدة بادي أبوشلوخ ( ١٧٢٤- ١٨٢١)وحتي الغزو التركي المصري زخرت المدونة بمعلومات مفصلة وقيمة حيث اتسمت الفترة بتوالي الأحداث والصراعات بين الملوك ووزرائهم من الهمج فتواتر من الحادثات ما يستحق التدوين. وصار الكاتب ومن جاء بعده من المضيفين و المنقحين ،شهود عيان للأحداث.
استرعي انتباهي أيضاً اطلاق لفظ “جزيرة سنار علي كل منطقة الجزيرة الحالية بما في ذلك منطقة الخرطوم حيث يقترن النيلان الأبيض والأزرق. يقول: ” فلما بلغ إلي جزيرة سنار التي تعرف بالخرطوم….” ذلك في معرض حديثه عن حصول الخواجة مانسفيلد باركيز الإنقليزي علي نسخة المخطوطة. أشار المحقق هنا إلي كلمة خواجة وقال إنها كانت تطلق علي النصارى الأوربيين في السودان وأن أصلها فارسي كانت تطلق علي التجار وذوي المكانة. ولما عرض للركابي إبراهيم البولاد وهو أول من درّس الرسالة والخليل بعد مجيئه من الأزهر. قال إن البولاد صفة أطلقها عليه شيخه الأزهري وأصلها فارسي أيضاً وتعني الفولاذ.
وبدا لي أن أعظم ملوك الفونج هو بادي أبو دقن الذي اهتم بالعمارة فبني مسجدا ضخماً في سنار وأقام ما يشبه الداخلية لطلاب العمل وخصص مسكناً لخطيب المسجد وعمل الأسِّرة التي يصعد لها بالسلالم لسكني الطلاب bunk beds وبني قصراً منيفا وغزا مملكة الشلك الذين كانوا يغيرون علي (إليس وهي الكوه) وغزا مملكة تقلي في جنوب كردفان. وهنا لطيفة يجب التوقف عندها فعند حصاره لعاصمة تقلي في جبال النوبة الشرقية كانت المخطوطة تتحدث عن (دنقله). قال المحقق إن دنقله العجوز كانت تنطق (تنقل) وربما تقلة أحياناً قد تكون وصلت إلي تقلي لما بين المنطقتين من صلات معروفة خاصة في اللغتين وتقول بعض المصادر أن سكان جبال النوبة الشرقية ، منطقة تقلي العباسية هاجروا أصلاً من الشمال.
وقد بني بادي أبو دقن القصور الفخمة وجاء بالأثاث والأبواب والشبابيك والأسِّرة من بلاد الهند. (من خشب الصندل كما تبادر لذهني). وكان آخر الملوك الأقوياء بادي أبو شلوخ الوارد ذكره بأعلاه وهو من الأنساب (جمع أونسه- وكنت أعجب من أصل هذه التسمية فقال إن أونسه تصحيف للاسم المعروف أنس )بعدها ضعفت الدولة وصار الأمر فيها للهمج. لكن الفترة الأولي من عهدة بادي هذا اتسمت بالازدهار أعقبها استهتار منه وظلم لمواطنيه. ففي البدء تصدي لملك الحبشة إياس(١٧٣٠-١٧٥٥) وهزمه. وكان هذا الملك قد غزا بعض أجزاء مملكة الفونج بمعاونة نايل ود عجيب أحد أقرباء الملك بادي المختلفين معه. وقد أحدث انتصار مملكة سنار علي الحبشة صدي واسعاً في العالم الإسلامي إلي حد” أن قصدتها الوفود من الحجاز والسند والهند وأهل صعيد مصر والمغرب الأقصى واستوطنوا بها” حاشية ١٤ ص ٩٣. استوقفني هنا قوله : وفرح سلطان الروم بذلك ففرح بنصرة الإسلام.” سارع المحقق للإبانة بأن المقصود هو السلطان العثماني بعد أن بسط العثمانيون سيطرتهم علي الأناضول التي كانت تابعة للإمبراطورية الرومانية حتي عام ١٢٩٩م وأصبح يطلق عليه سلطان الروم. ووردت مرة أخري بصيغة جمع غريبة. الأورام!
وننتقل إلي غزوة محمد علي باشا للسودان. لقد ورد ذكر الخازوق سابقاً وأول من قتل به هو علي ود تمساح . وهو ابن أخ ملك الميرفاب نصر الدين الذي كان علي خلاف معه قبل الغزو حمله علي السفر إلي محمد علي يستعين به عليه( أورد المحقق اختلاف رؤي حول هذه الرواية.) وتورد روايات أخري أسماء وجهاء آخرين من الشايقية والجعليين والرباطاب شجعوا محمد عليّ، علي غزو السودان. وهذه ظاهرة تتكرر في التأريخ فقبيل الفتح الإسلامي للأندلس استعان أعوان الملك ، ملك الأندلس الأسباني المعزول، غيطشة Witiza بالمسلمين ضد قائد الجيش (Rodrego ) الذي استولي علي الملك عنوة ،وهونوا لهم فتح الأندلس. ( راجع الدكتور عبدالرحمن علي الحجي التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتي سقوط غرناطة ص٣٠).ودول الطوائف استعانت بالفرنجة علي بعضها ثم استنجدوا بالمرابطين ثم استعانوا عليهم مجددا بالأسبان وهكذا ضاعت الأندلس في نهاية المطاف. طبعا يأتي التحريض مع نوايا مبيتة تحركها الاستراتيجيات والأطماع المتربصة أصلاً.
أورد المحقق قصة علي ود تمساح الذي كان يحرض علي مقاومة الغزو والذي قتل بالخازوق. قال إن بعض معانديه ذهبوا إلي سنار ليشهدوا مقتله فقال لهم: ” أنا قعدتي فوق الخازوق هذا أكرم لي (بقدلتكم) في سنار. ما تخلوا الجعيدي يلعب بكم.” قال الجعيدي يعني الغجري الذي يُلَعِب القرد للفرجة والتكسب وهو بذلك يعرض بالأتراك. وكبيرهم إسماعيل . علق المحقق علي العبارة بقوله: “ولا تخلو هذه الإشارة من معني عميق” ص٢٣٢
وعن مقاومة الشايقية لحملة إسماعيل باشا لاحظت ترجمة المحقق للشايقية وأنهم ” ربما اختلطوا ببعض الأعراق العثمانية- التركية.” ص ٢٢٦. ومما وقفت عليه للمرة الأولي أن الشايقية في معركة الضيقة هزموا الجيش الغازي( جل قواته كانوا من المغاربة والعبابدة) وكان قوام قوتهم نحو مائة وعشرين ألفاً وقتل من عسكر إسماعيل ألفاً وكسور كما جاء في المدونة. ؛ وبقي الباشا محاصراً في خشم الجبل نحو سبعين يوماً إلي أن أتت إليه العساكر من المحروسة تاني. وكان أغلبها أرناؤوط.( يعني ألبان)…… وصحبهم مدافع وكانوا نحواً من خمسة عشر ألف……” هكذا إذن تمت هزيمة الشايقية بعد هذا المدد الذي جاء بعد أكثر من شهرين وبمدافع هذه المرة.
استوقفتني كذلك كلمة (عكليته) وهي كلمة سمعتها قبل عامين تقريبا للمرة الأولي وعلمت بعد الجهد أنها تعني الشخص الملحاح اللزج أو (اللايوق). جاء استخدامها بمعني اللص! قال كان أحد الصالحين يستحم في النهر فجاء ( عكليته) فسرق ثيابه!
وبعد فالكتاب ضخم ومفيد للمهتمين بالتأريخ وبالثقافة السودانية وهو من أنصع الأدلة علي اختلاط أعراق السودانيين عبر الحراك السكاني القسري الذي تسببه المجاعات أو الحروب مثل حروب الإبادة التي قادها محمد الدفتردار ضد الجعليين والطوعي الذي كانت دوافعه الإحساس بالانتماء إلي بلد واحد تسهل الحركة فيه لطلب الرزق في ربوعه الفسيحة من غير قيد ولا شرط . تأمل في العشائر التي تنتسب للفونج والعبدالاب في الولاية الشمالية وأعداد تساوي نصف سكان تلك الولاية اليوم من شمال كردفان ، هواره وكبابيش وأعداد الحسانية في ولاية نهر النيل وتكاثر أهل الشمال علي امتداد النيل الأبيض والأزرق حتي تخوم اثيوبيا.وما جاد في التحقيق عن أصل الشنابلة في الجزيرة وأنهم في الأصل جاءوا من شرق السودان والكواهلة في الجزيرة وكردفان والبديرية في كردفان أيضاً والفور والزغاوة والمساليت والفلاتة في ولايات الشرق وفي الجزيرة لتعلم أن في الفرز الذي تمارسه السياسة تزيُّد ضار وغير حقيقي ويعد عائقاً في تحقيق التلاحم الوطني المنشود.

 

تعليقات الفيسبوك