والشأن في الهروب أن يكون دوماً إلى الخارج: من الريف إلي المدينة ومن المدينة إلي أخري سواها طلباً للرزق أو العلم وربما للسياحة والترويح والفرجة لمن استطاع إلي ذلك سبيلا. وإن استعصى الظفر بذلك في الداخل، التمسه المرء بالخروج إلي خارج وطنه. ذلك علي الحقيقة أما علي المجاز فقد يعبر عنه بخروج الإنسان من جلده مغاضباً من وقع القهر والإحباط عليه، إذا ساءه الحال البئيس و منطق الزمان و صنيع الناس كالتقلب في المواقف والقناعات والتنكر إزاءه أو اختيار بعضهم أن يكونوا مثل ريش الطيور تعبث به الرياح كيف شاءت كما تبعث بهم هم الأهواء والرغائب والرغبات. هذا كله ضرب من ضروب الخروج من الأمكنة. أما الخروج الذي نريد في هذه الخاطرة فخروج تمليه ضرورة ، ضرورة ألا تجدي كل أنماط الخروج من الأمكنة إلي أمكنة غيرها نفعاً فتكون المعضلة كامنة في عالم الأمكنة نفسه وربما يجدي الخروج من ذلك العالم بأكمله إلي عالم لا يحتويه مكان، يُلتمس عنده السكينة والطمأنينة والتمتع بالحياة علي نحو من الأنحاء، متعة لا تحدها مادة محسوسة ولا بنايات مرصوصة لا تكدر صفوها جلبة وضوضاء، متعة كتلك التي عبر عنها عارف في زمان قديم ” والله إنا لفي نعمة لو علمها الملوك لقاتلونا عليها بحد السيف!” ذلك هو الخروج من عالم الأمكنة كلها و من حركة التاريخ ومن عالم الزمن أيضاً! ومن جديد لغة الشباب التي تصيبنا أحياناً بالدوار والدهشة قولهم (عامل فيها رايح!)، أي تصنُع عدم الفهم والإدراك لمأرب تحققه لنفسك بالحيلة والدهاء. فإن أفضت بك الحيلة إلي ما تريد ظفرت بمرادك وإلا انكشف أمرك وحصدت العبارة الساخرة التي سلفت! وكنت مستغرقاً في تأمل مثل هذا الخروج من حركة التأريخ والزمن لا سيما وأني قد جربت عالم الخروج في إطار عالم الأمكنة طواعة واختياراً تارة، ومكره أخاك لا بطل تارة أخري! ومبعث هذا التأمل المضنى، أنه قد يطرأ علي الناس أجمعين في ساعات الكدر والضيق ، توق جارف لسعادة مفتقدة أو في حال الصفو والنشوة تطلعاً لديمومتها وخوفاً من زوالها. وأكثر ما يقع هو ضجر الانسان من محيط يراوح مكانه دوماً لا جديد فيه حيث الأحداث تتكرر في حركة دائرية رتيبة ويتكرر معها ذات الجدال العقيم وتنبعث من جديد ذات الخصومات وربما الاقتتال فالموت، فيسأم. وقد يجد الشيخ الفاني العزاء في قرب أوان الرحيل من عالم المكان هذا، وهو ما عبر عنه الشاعر الفحل محمد المهدي الجواهري بأبياته الحسان:
لم يبق عندي ما يبتزه الألم حسبي من الموحشات الهم والهرم
لم يبق عندي كفاء الحادثات أسي ولا كفاء جراحات تضج دم
وحين تطغي على الحران جمرته فالصمت أفضل ما يطوي عليه فم
ولعل الصمت هو مطية المتأمل إلي ارتياد الفضاءات الفسيحة التي لا يملكها ولا يعكر صفوك فيها أحد. وإذ أنا غارق في ذاك التأمل، تأمل الهروب الثاني من عالم الزمن، وقفت علي تأمل بديع ل (ألدوس هكسيلي) أفاض فيه في محاضرة له عام ١٩٦١ مات بعدها بعامين يوم مات الرئيس الأمريكي الشاب جون كنيدي في الثالث من نوفمبر عام ١٩٦٣ فانشغل الناس عن موته بموت الرئيس المحبوب فلم يحفل بموته أحد. فسرني أن الذي أجد في نفسي ليس نوعاً من الجنون والاضطراب العقلي بل هو وسيلة تعين على التشبث بالحياة علي نسق آخر. وللتذكير بالمحاضر فهو مؤلف كتاب استيقظ من نوم عميق في السنوات الأخيرة هو ” عالم شجاع جديد ” ألفه عام ١٩٣٢مع كتاب آخر لجورج أرويل هو “العام ١٩٨٤” كتبه عام ١٩٤٨ حيث صدقت نبؤات الروايتين بشكل لافت للاهتمام. وقد سبق لي قبل نحو عام أن كتبت مقالة عن حوار جري عن أيهما أصدق نبوءة عنوانه ” سجال بين كتاب وكتاب!”. وموضوع المحاضرة التي هي بعض موضوع هذه المقالة أوجزه هكسيلي بالقول إنه: “ موضوع يبدو للوهلة الأولي شديد البساطة والوضوح ولكنه في الحقيقة شديد التعقيد. وهو علاقة الفرد بحركة التاريخ….”ولاستجلاء الغموض عما يهم بالخوض فيه، يأتي بمقاربة من عالم الفيزياء هي “النظرية الحركية أو الحركية الجزيئية-للغازات أو كاينتك ثيوري ” لتصور تلك العلاقة ، علاقة الغازات بالجزيئات المكونة لها. وقوانين الغازات متعلقة بالضغط والحرارة والكتلة وكلها مترابطة تعتمد علي بعضها البعض، لكن الجزيء الواحد لا كتلة له ولا ضغط ولا حرارة وكل الذي يفعله أنه يدور بلا انتظام وبصورة عشوائية بتأثير الغازات. والفرق جوهري بين عالم الغازات وعالم البشر بلا جدال لكن المقاربة تجعل الفرد في مقابل الجزيء الفيزيائي في عالم الغازات يدور كما تدور الجزيئات عشوائيا بفعل قوانين الغازات التي يقابلها في عالم البشر المجتمع. والمجتمع رغم كونه مكوناً من أحياء إلا أنه ليس بحي فهو لا يملك قوة الاستيعاب ولا التفكير ولا الارادة فهو مجرد منظمة تختلف تماما عن الاحياء الذين يكونونها. لكن مع ذلك يمكن التنبؤ بما يحدث للمجتمع الكبير العدد الذي يعيش لفترات طويلة من التأريخ بدقة كبيرة لكن يصعب ذلك بشأن الأفراد المكونين له. ومن أهم الفروقات بين الأفراد والمجتمع أنه يمكن التنبؤ بما قد يحدث للمجتمع كثير الأفراد خلال زمن ممتد بينما يصعب جدا التنبؤ بالنسبة للأفراد. ويضرب مثالا لذلك فيقول: إن شركات التأمين الكبرى معنية بالتنبؤ كما العراف أو العرافة . شركات التأمين تستطيع التنبؤ بأوضاع المجتمع، مثلا بأن الرجل في مجتمع معين يمكن أن يعيش في المتوسط حتي سن التاسعة والستين والمرأة حتي الثانية والسبعين مثلا لكن لا يمكن تطبيق ذلك علي الأفراد كأن تتنبأ بأن فلان ابن فلان أو فلانة سيتمتعان بذلك العمر فتلك نبوءة إحصائية تيسرت بسبب ضخامة عدد الأفراد ولمدة زمنية طويلة استندت علي دراسة مستويات المعيشة و السجلات الصحية وتوافر المشافي والاطلاع علي سجلات الموتى كذلك وبالتالي واستناداً علي ذلك التنبؤ، توضع سياسات وخطط الشركة بما يحقق لها الأرباح . والعرافون هم أيضاً يكسبون معاشهم من التنبؤ مثل شركات التأمين تماماً لكن العراف يتنبأ بمصائر الأفراد وما قد يقع لهم فيخطئ كثيراً ويصيب ولكنه لا يصبح مليونيراً أبداً بينما تحصد شركات التأمين إذا حسنت إدارتها وسياساتها الملايين! يقول ( لم نسمع بعراف أصبح مليونيراً كما لم نسمع بشركة تأمين أعلنت الإفلاس!). أي كتلة كبيرة العدد يمكن التنبؤ بمالاتها بنجاح. هناك إذن فرق كبير جداً بين القوانين التي تحكم المجتمعات كبيرة العدد وبين القوانين التي تحكم حياة الأفراد المكونين لها.
إذن ما هي علاقة الفرد بالمجتمع في زمن بعينه؟ أي فرد يعيش حياة موازية لحقبة في التاريخ؟ إلي أي مدي يعيش هذا الفرد هذه الحقبة من التأريخ الذي يحيط به ؟ أي يعيش في داخل ذلك التاريخ وإلي أي مدي يشعر بذلك؟ ويعمد إلي تعريف التأريخ مختاراً تعريف فيلسوف التاريخ البريطاني الجنسية( ألان توينبي ت ١٩٧٥)للتاريخ الذي يرفض جعل المآسي و الكوارث الطبيعية علامات علي التاريخ ويري بأن التاريخ هو رد فعل الحضارات الأخرى علي الحضارة الغربية وبروز في النهاية ديانة تؤكد وحدة النوع الإنساني.(أشار جون فول في أطروحته للدكتوراه عن تاريخ الطريقة الختمية في السودان ١٩٧١إلي هذا التعريف بأن تاريخ بلدان العالم الإسلامي منذ القرنين ١٨ و١٩كان ردة فعل للغزو الاستعماري لذلك العالم وأنه هو الذي حدد تاريخ الحراك في دوله). يقول إن الكوارث التي تتصدر نشرات الأخبار تمر بالأفراد مرورا عابراً لأنها تحدث في إطار مجتمعات كثيرة العدد كحوادث في التاريخ وحتي المؤرخ الفيلسوف وهو لا يعدو أن يكون كالجزيء إزاءها تماماً كبقية الأفراد ، فهو يعيش كرب أسرة أو مواطن شأنه شأن بقية الجزيئات لكنه يتصور أنه صانع للأحداث كالغازات بالنسبة للجزيئات، وذاك ضرب من انفصام الشخصية( إزكسفرينيا !) قال: نحن جميعاً نعاني من ذلك بدرجة ما. ثم يفصل لتبيان ضعف الصلة بالفرد والتاريخ فيقول يقضي الإنسان نصف عمره خارج التاريخ، خارج الزمن فهو في فترة الولادة و الطفولة لا يشعر بوجود له في التاريخ ثم يعتاد وهو ناضج ومدرك ، النوم لثمانية ساعات في اليوم وإن لم يفعل يصاب بالاضطرابات العصابية و بالهزال البدني والمرض الذي قد يفضي به إلي الهلاك .وإذا عاش الإنسان سبعين عاماً تجد أن أربعين عاماً منها كانت خارج التاريخ. والمفارقة هنا أن هذا الغياب من التاريخ سبب رئيس للحياة ولحسن الحظ فإن عتاة القتلة وأشد الناس تعصباً وعنفاً أناس كجوزيف ستالين يخلدون إلي النوم فيتخلون عن شخصيتهم الشريرة خلال النوم. علق قائلاً: “شكرا للسماء إذ أنها بذلك تجعل لشره حداً بالنوم، فيكف ذلك بعض شرورهم علي الناس وتري الواحد منهم وهو نائم في براءة الأطفال.” بالإضافة إلي ذلك بعض الأفراد يصابون بأمراض تخرجهم من دائرة الفعل جل أعمارهم. كذلك هناك الحياة الخاصة كالمعاشرة الجنسية فهي فسحة وعطلة خارج الزمن وخارج التاريخ! يقول” هذه نقطة تثير الاهتمام إذ أننا نخرج من بؤس حياتنا بهذه الوسائل من حركة التاريخ لنبقي أصحاء! “إن حقيقة أن يكون ثلث عمر الإنسان خارج الزمن يعد مصدر سلوي ومواساة لأن الإنسان في النوم يستعيد نشاطه وحيويته ويجدد روحه لكن الشئ الأقل سلوي ومواساة هو حقيقة أن الشركات الضخمة والمؤسسات لا تنام بل هي مصابة بمرض عدم القدرة علي النوم.(إنسومانيا) هم كماكينات إلكترونية تعمل بلا توقف إلا أن يأتي شخص ليهشمها أو يضع برنامجاً جديداً فيها. هذه استمرارية مقيتة لا تتيح تجديد الروح وتصحيح الأخطاء. لذلك إذا استجلينا تاريخ الدول والمؤسسات نجد في سجلاتها كأن ما كانت تفعل يعد ضرباً من الجنون المنظم.
ننتقل الآن إلي الحياة الخاصة للفرد . قال يروقني من تعريفات عديدة للحياة الخاصة تعريف لمفكر من بروسيا اسمه روزنوف عرف الحياة الخاصة :بأنها “أن تعبث بأنفك وأنت تتأمل غروب الشمس! “يجمع بين متعة فيزيولوجية حسية هي العبث بداخل الأنف وبتأمل جمالي عقلي هو مراقبة الشمس وهي تغرب!
وهناك هروب لعباقرة من أهل الفكر والفنون المختلفة إلي عوالم الجمال والفكر والموسيقي من ظروف قاسية عاشتها بلاد كثيرة في أوربا . هنا جاء بمقتبس للفيلسوف الفرنسي مشيل مونتين الذي ميزت فترة حياته الحروب الدينية الرهيبة والدمار الذي لحق ببلده فرنسا في أواخر القرن السادس عشر ولم يمنعه ذلك من إنتاج فكري وفير أحدث أثراً كبيرا في الفكر الأوروبي أثر في رينيه ديكارت وجان جاك روسو وغيرهم .يقول المقتبس أن موتن عاش في عالمه بعيدا عن تلك الأحداث المؤسفة. ومن الموسيقيين الألمان هاينريش شوتز في القرن السابع عشر الذي يعد من أشهر المؤلفين الموسيقيين في عصره، ظل متنقلاً ومختبئا طوال سني حرب الثلاثين سنة الدينية. يقول هكسيلي “لا تكاد تجد أثراً لتلك المآسي في موسيقاه.” وعن موطنه هو ،بريطانيا، استشهد بالروائية جين أوستن (١٧٧٥-١٨١٧) يقول إنها عاشت في فترة عصيبة ومضطربة من تاريخ بريطانيا تميزت بحرب ضروس بينها وبين فرنسا امتدت طوال فترة حياتها لكنها كتبت روايات عظيمة لا ذكر لتلك الفظائع فيها البته . قال ساخراً كأنها ” كانت تعبث بأنفها وتتأمل غروب الشمس!” قال عن كتاباتها أنها امتازت (باللا-زمن) وأن الناس هم الناس لايهم في أي بلد كانوا! كتبت جين جيمس لإحدى قريباتها تقول “إن وجود ثلاثة إلي أربع عائلات في قرية في الريف تكفي للعمل (أي الإبداعي- كتابة الروايات بالنسبة لها).”
يقول إن هذا التقهقر إلي العوالم الخاصة ممكن حتي في مآسي هذا القرن العشرين لكنه غدا أكثر صعوبة بسبب امتلاك الحكومات وسائل رهيبة في المتابعة والإكراه ،كأجهزة راديو والتنصت علي نحو ما تنبأ به جورج أرويل في روايته العام ١٩٨٤ وفكرة الأخ الأكبر شاخصة ومعيشة اليوم. إن أداء البوليس السري في عهد نابليون يعد بالمقارنة مع دور البوليس السري في كل البلدان اليوم كعبث الأطفال. بالتحديد فالأنظمة الديكتاتورية النازية والشيوعية تكره أن تدع مجالاً لأدني قدر من الحياة الخاصة للأفراد وتحرص كل الحرص علي حشر أنفها وارغامهم علي الانغماس في الحياة العامة البغيضة البئيسة التي تصنعها هي ! وبشغلهم بالدعاية الجوفاء والأخبار الخارجية. وتفعل الديمقراطيات، باستثناءات نبيلة محدودة، شيئاً مماثلاً بالتركيز علي عوار الحياة الخاصة للناس مثل الجريمة والجنس والجاسوسية . ( و في الذهن زمان الحرب الباردة!). يقول إن الحريات في الماضي لم تكن تتيحها الدساتير المكتوبة والنظم والقوانين ولكن ضعف فاعلية الحكومات وقتئذ لحسن الحظ! لكن الحكومات في هذا العصر تملك وسائل مهولة تجعل من تحقيق الحرية أمراً بالغ الصعوبة.
إن حقيقة أن معظم الأفراد يعيشون خارج التاريخ لا يعني عدم وجود شخصيات استثنائية لعبت وتلعب دوراً في مسار التاريخ، فالتاريخ تصنعه ضغوط اقتصادية وفكرية و تدفع شخصيات استثنائية بتلك العوامل قدماً في اتجاه بعينه إذ لا يمكن تصور تاريخ القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين دون تصور دور لشخصيات مثل بسمارك ولينين وهتلر.
تطرق بعد ذلك لمفهوم التقدم الذي ظل يتغير منذ عصر النهضة ووصفه بأنه جزئيا يعد” خرافة”!
فقد كان الاعتقاد في القرن الثامن عشر أن التخلص من حكم الأباطرة والأمراء هو مظنة التقدم ثم تغير المفهوم في القرن التاسع عشر إلي أن التعليم والتعامل مع آليات الصناعة هو الذي يحدث التقدم ثم برزت عقيدة جديدة مفادها أن الإنسان مجبول علي التقدم من حسن إلي أحسن. يقول لكن مآسي القرن العشرين طوحت بهذه الحتمية الوردية ثم أقر علي العموم بوجود مظاهر لحقائق موضوعية للتقدم في مجالات العلوم والتحكم في بعض مجالات الطبيعة، لكنه خلص إلي أننا كأفراد قل أن نعيش التقدم في حياتنا كحقيقة ذاتية نشعر بها في أنفسنا. إن التطور السريع الذي شهده العالم، كان ينبغي أن نعيشه ونحس به في ذواتنا لكن الإنسان يقيس الحياة بمعيار ما يجده بعد القدوم إلي الحياة فالطفل العصري الذي يولد اليوم فيجد جهاز التلفزيون يعتبر وجوده من حقائق الحياة ولا يحس بمسيرة التطور التي انتهت بصنعه. كما أن الشيخ الفاني يري العالم يتقهقر ويتراجع أمامه. إنه من المحير أن رغباتنا واحتياجاتنا تظل كما هي مستقلة لا متأثرة بمظاهر التطور حولنا ونظل مخلوقات مزدوجة الشخصية مركبة نعايش التاريخ ولا نعيشه!
والشاهد في رؤي هكسيلي أننا كأفراد نعيش أصلاً إلي حد كبير خارج الزمن والتاريخ وإن ظننا غير ذلك ! فما جدوى أن يحاول المرء إعادة صناعة العجلة؟!
أقول جدير بالإنسان أن يحاول إفراغ الجهد كله في الغوص في أعماق النفس بحثاً عما يرفد حياته وحياة الآخرين بالأمل وما يحقق طمأنينة العيش، وعليه فهذه ليست دعوة لإدارة الظهر للشأن العام في الحياة لمن يستأنس في نفسه القوة والكفاءة والقدرة علي الفعل الإيجابي الذي يحقق صلاح الناس ويمكث في الأرض ويسهم في تغيير مسار التاريخ إلي الأحسن. وهي خاطرة على كل حال لتأكيد وجود مهاجر وملاذات للجؤ إلي داخل نفسك التي بين جنبيك للعيش والاستمتاع والإبداع خارج مظلة التاريخ!