سأستنطق ما وسعتني الحيلة المصادر التأريخية عن البدايات المتشابهة والمتطابقة أحياناً التى ظلت فى صيرورة منذ القرن السادس عشر الميلادى فى أكثر من كيان مستقل هو اليوم بعض السودان والتى أدت إلى ميلاد ما يمكن أن يسمى بالثقافة السودانية المشتركة. والسمة الأبرز لهذا التشكل هى أنه جاء طواعة لاقهراً فلم ترد رواية واحدة تشير إلى أن جيوشاً قد غزت مكاناً من أرض السودان لترغم الناس على دين بعينه أو لغة بذاتها . ولهذا فإن مظاهر التصدع البادية حالياً فى بنية الوطن تبدو نتائج مخالفة للمقدمات لأن منطق الأشياء يقتضى أن تفضى تلك الصيرورة إلى لحمة قوية وبناء مرصوص وتجانس يستعصي على النقض. فما الخلل الذى وقع وكيف يمكن تدارك الأمر قبل فوات الأوان.
وقد اعتمدت كثيراً على كتاب الدكتور عبد المجيد عابدين “تأريخ الثقافة العربية فى السودان” وهو عمدة فى موضوعه كما ذكر البروفسور قاسم عثمان النور فى تقدمة موجزة ودسمة للكتاب وللمؤلف فى طبعته الثالثة لعام 2005 منشورات الخرطوم عاصمة الثقافة العربية ولأنه استعان بعدد كبير من المراجع العربية والأجنبية المعروفة التى تناولت تأريخ السودان. فالرجل أكاديمى مرموق جاء من مصر محاضراً فى كلية الخرطوم الجامعية فى أربعينيات القرن المنصرم وظل بها حتى أعلنت جامعة هى جامعة الخرطوم فى عام الإستقلال 1956 وساهم فى وضع مناهج كلية الآداب ودرّس لاحقاً بجامعتى القاهرة فرع الخرطوم والجامعة الإسلامية. والكتاب مرجع هام فى موضوعه بلا جدال. وقبل الإسترسال فقد أشار الدكتور المؤلف فى حاشية مقدمة الطبعة الأولى والتى أنجزت فى أول يونيو 1953 إلى ما يلى:
” فى الوقت الذى أقدم فيه هذا البحث إلى اخواننا السودانيين بنوع خاص, تقوم لأول مرة فى تأريخ السودان الثقافى جمعية تأريخية سودانية الطابع يرؤسها المؤرخ السودانى مكى شبيكة وتديرها لجنة معظمها من السودانيين والمصريين وهى تعمل ساعية إلى إحياء تأريخ التراث السودانى بوجه عام.( انعقد أول إجتماع لهذه اللجنة يوم 7 مارس 1953) نرجو لها التوفيق والنجاح”.
ترى ما صنع الله بتلك اللجنة؟ وكنت قد أشرت فى مقالة سابقة إلى أن البروفسور موسى بركات الحواتى كان قد افاد بأن الجهود مبذولة من قبله ومن آخرين بينهم السفير الدكتور المؤرخ حسن عابدين لإنشاء لجنة مماثلة. ارجو أن يتصل الجهد فى هذا المسعى المُلِح.
أطلق المؤلف على الفترة التى ظهرت فيها الممالك الإسلامية الثلاث التى تكون السودان الشمالى القائم حتى الآن اسم ” العهد الفونجى”. والممالك هى مملكة الفونج أو سنار أو السلطنة الزرقاء( 1505-1820) وسلطنة الفور (1637-1875 ) ومملكة تقلى العباسية فى جبال النوبة الشرقية( رجح قيامها عام 1570وتوالى على حكمها تسعة عشر ملكاً حتى قيام الثورة المهدية). ونلقى مزيداً من الضؤ على مملكة تقلى العباسية حيث أنها لم تجد حظاً من الإهتمام كالذى نالته مملكة الفونج وسلطنة دارفور.( صفحة 39).
يقول المؤلف إن تأريخ تأسيس هذه المملكة سببه زاهد من قبيلة الجموعية جاءإلى المنطقة حوالى سنة 1530 ونزل وسط تلال تقلى واجتذب قلوب الأهالى من النوبة بورعه وطيب أخلاقه (هو محمد الجعلى) واتصل بالزعيم النوبى بالإقليم عن طريق المصاهرة وكانت النتيجة أن نال الزعامة ابنه من أم نوبية ” جيلى أبو جريدة” الذى أسس حوالى عام 1570 مملكة تقلى الإسلامية والتى امتد نفوذها من رشاد جنوباً إلى (أبو حبل) شمالاً. وقال إن أمراء هذه المملكة كانوا أصحاب إستراتيجية لنشر الإسلام فى المنطقة عبر الإختلاط والتزاوج مع قبائل النوبة لذلك فقد شجعوا هجرات قبائل الجعليين والبديرية والجوامعة وبطون من الكواهلة وكنانة وبفضل هذه السياسة عبر التصاهر إنتشر الإسلام والثقافة العربية فى جبال النوبة الشرقية. وقد زارها تاج الدين البهارى عندزيارته لمملكة الفونج وكان قد قدم من بغداد لتأسيس الطريقة القادرية.. ويبدو ان الثقافة الإسلامية قد ترسخت فى هذه المنطقة إلى درجة أن الملك آدم أم دبالو إعترض فى البداية وأحجم عن تأييد الإمام المهدى بحجة أن المهدية لا وجود لها عند أهل السنة. ومع أن المقام مقام جد إلا أنى سأذكر واقعة بهذه المناسبة لا تخلو من طرافة وهى أن الدكتور الأبكراوى أستاذ التأريخ فى معهد المعلمين العالى (كلية التربية لاحقاً بجامعة الخرطوم) ذكر هذه الواقعة فى محاضرة له فى مدينة ود مدنى- حيا مروجها البهية الحيا- فغضب شيخ من الأنصار من ناس القسم الأول ( حى تسكنه عائلات أنصارية) غضباً شديداً مقاطعاً الأكاديمى المحاضر الذى فغر فاه من الدهشة إذ لم يستوعب وجه الإعتراض فيما قال. فهدأ من روعه الشيخ الجليل الوقور أحمد بيومى رئيس الاخوان المحمديين (أدارسة دندراوية) ولعله كان رئيس جبهة الميثاق الإسلامى فى المدينة وهو من أعيانها الموقرين ,فهدأ روع الرجل شيئاً لكن الرجل ظل يردد بصوت خافت وفى غضب ” قال تقلى.. قال!”.عذراً لهذه (التخريمة) فقد قصدنا بها تخفيف وعثاء السفر فى التأريخ.
والملاحظ هنا أن ذات المصاهرة التى تمت بين نوبة الشمال وقبائل ربيعة وجهينة التى ذكرها ابن خلدون وغيره من المؤرخين والتى أدت لغلبة الثقافة العربية الإسلامية فى الشمال قد حدثت بين أهل النيل ونوبة الجبال لتؤكد أن التصاهر الطوعى وهو أداة أكثر حميمية من مجرد الوصف بانها ظاهرة سلمية,هو الذى أدى لإنتشار الثقافة العربية الإسلامية وأن حكام تلك الممالك بحسهم الدينى حرصوا على نشر العربية وعلومها كمكمل لنشر العقيدة الإسلامية.
وعن سلطنة دارفور أشار إلى أنها قامت على أيدى الكنجارة. يقول : يظهر أن الكنجارة امتزجوا بالتنجور الذين قدموا من بلاد النوبة (فى الشمال)وكلمة تنجور فى لغة النوبة معناها قوس للصيد. (أشار فى الحاشية إلى ما ذكره ماكمايكل من أن قدماء المصريين كانوا يطلقون على بلاد النوبة “بلاد القوس” والعرب يسمونهم رماة الحدق). وذلك يعنى أن قبائل دارفور هى نتاج اختلاط واسع نتج عن سياسات لنشر الإسلام.ويقول إن الكنجارة قدموا إلى دارفور من إقليم بحيرة تشاد جنوبى الصحراء الليبيةوربما قدموا أصلاً من تونس. وهم ينتسبون إلى أبى زيد الهلالى إخترقوا برنو ووداى حتى وصلوا إلى دارفور. ويشير إلى أن إقليم بحيرة تشاد ظل يستقبل أفواجاً من عرب شمال إفريقيا ومن الأندلس حتى عام 1600 وهؤلاء بحكم معرفتهم بفنون الحكم قد أسهموا فى قيام ممالك البرنو ووداى التى امتد نفوذها فشمل دارفور. ويقول ” مهما يكن من أمر فإن التأريخ الواضح لسلطنة دارفور يبدأ من سنة 1637 حين اعتلى سليمان سولنج العرش. وهو أول رجل عربى وكلمة (سولنجا) بلغة الفور معناها عربى.” (صفحة41).
وعن مملكة الفونج فقد اسهب فى ذكر الروايات المختلفة عن أصولهم العرقية بدءا برأى الرحالة الأسكتلندى (بروس) الذى زار المنطقة فى القرن الثامن عشر والذى اشار إلى انهم من الشلك .إلا أن( كراوفورد) وآخرين قدشككوا فى هذه الرواية وردوها بأن “مملكة الفونج كانت لغتها عربيةكماكانت إسلامية.” ورجحوا أن الرحالة الأسكتلندى ربما استقى روايته من أحد أبناء البلاط الملكى وهو “أحمد سيد القوم” الذى ولد فى فازوغلى وربما كانت أمه من الشلك. والرواية الثانية تقول إنهم من بنى أمية فروا إلى الحبشة ثم إلىالسودانوتصاهروا مع سكان منطقة الفونج. ومما استرعى إنتباهى ما جاء فى الكتاب من أنه لما أستولى السلطان العثمانى سليم الأول على سواكن ومصوع وأزمع الزحف إلى سنار كتب إليه عمارة دنقس يقول:
“إنى لا أعلم الذى يحملك على حربى وإمتلاك بلادى. فإن كان لتأييد الإسلام فإنى وأهل مملكتى عرب ومسلمون ندين بدين رسول الله (ص). وإن كان لغرض مادى فاعلم أن أكثر أهل مملكتى عرب بادية وقد هاجروا إلى هذه البلاد فى طلب الرزق ولاشئ عندهم تجمع منه الجزية.” (صفحة 48). والمصدر فى الحاشية نعوم شقير الجزء 2 صفحة 74 وبه إضافة تقول إن عمارة الملك أرسل مع الخطاب كتاباً بأنساب قبائل العرب فى السودان جمعه له الإمام السمرقندى أحد علماء سنارفسُر سليم لذلك وعدل عن غزو سنار و أخذ كتاب الأنساب إلى الآستانة( مقر عاصمة الخلافة فى اسطنبول) وهو لايزال فى خزانة كتبها حتى اليوم”! فهل تستعيده دار الوثائق المركزية؟ أتمنى ذلك.
ويتحدث الرأى الثالث أن الفونج قدموا من منطقة بحيرة تشاد حيث ازدهرت مملكة برنو. ويقول إن (بالمر) أشار لنفوذ قوى للحبشة على مملكة برنو.وربماهذا التأثير الحبشى قد جاء عبر صلات متبادلة بين اليمن والحبشة حيث أشار أحد علماء مملكة برنو واسمه الإمام أحمد أن المملكة أسسها سيف بن ذى يزن ملك اليمن المعروف فى التاريخ.وقد أوردأيضاً تأكيداً للنفوذ العربى فى تلك المنطقة , أن مدونات تمبكتو 1657-1669 ذكرت أن أربعةمن جنود الخليفة عمر بن عبد العزيز قد قدموا إلى تلك الأنحاء وأسس أحدهمويدعى إدريس مملكة كانم. وصلة الفونج ببرنو كوطن هو ما أخذ به (آركل ) فى مدوناته عام 1940 بعد زيارة منطقة بحيرة تشاد. والإشارة إلى الحبشة هنا وصلتها ببرنو جاءت لتعضيد رواية الفونج بأنهم من أمية قدموا إلى السودان من الحبشة بعد مقتل جدهم هناك وهو الغمر بن يزيد بن عبد الملك بن مروان .
أما عن إنتشار الثقافة العربية والإسلامية فى كردفان فيشير البروفسوريوسف فضل حسن تحت عنوان أسلمة كردفان إلى صيرورتين أولاهما تتمثل فى تدفق القبائل العربية على السودان خلال القرنين الرابع والخامس عشر الميلاديين واستقرارهم فى سهول كردفان الشمالية ثم تقهقرهم التدريجى جنوباً. أما الثانية فبفعل من سماهم مستعربة النوبة من المسلمين من الدناقلة ثم الجعليين وابرز الأسماء المعروفة محمد الجعلى الذى سبقت الإشارة إلى أن ابنه “جيلى أبوجريدة” قد أقام ملك تقلى فى العباسية ,جنوب كردفان. أما الشخص الآخر فهو بشارة الغرباوى وهو بديرى تلقى العلم على إبراهيم البولاد (الركابى من نسل أولاد جابر) قدم من الشمال ومن ذرية بشارة الشيخ إسماعيل الولى فى شمال كردفان مؤسس الطريقة الإسماعيلية.( يوسف فضل ص40- اسم الكتاب فى ذيل المقالة).
استوقفنى بيت من العامية كنا نردده فى صغرنا يقول:
نحنَ قبيل شِن قلنا ما قلنا الطير بياكلنا
قال المؤلف إنه كان لمليشيات تقاتل تحت إمرة الفقيه بدوى أبو صفية البديرى تقاتل عصابات من الوثنيين أكثرت من غاراتها على المسلمين فى كردفان وأخذت شقيقة الفقيه أسيرة ولما رفضت الذهاب معهم قتلوها. قال فكان معنى الأهزوجة أننا مصممون علىأن نتبع القول بالعمل فى تصدينا للوثنيين حتى لو كان الموت مصيرنا وحواصل الطير قبورنا. قال الرسول (ص) عندمقتل عمه حمزة فى أحد” والله لو لا أن تغضب صفية (أى بنت عبد المطلب وهى عمته وشقيقة حمزة) وتكون سنة من بعدى لتركته (أى بلا قبر) حتى يكون فى بطون السباع وحواصل الطير”. فكأن تلك النهاية أليق بالأبطال الصناديد من أن يكونوا مثل سائر الأموات فى زمرة المقبورين! وفى الشمال إن إنتهت عبارتك لمغاضب ب “قاعدين” أو قعدة أو قعود, دعا عليك: ” قعد صقرك!” أى تصير طعاماً للرخم جثةهامدة فى العراء كالفطيس والفطيس لا يندرج فى عداد الأبطال الصناديد!.
وتحدث عن جهود الشيخ أبوصفية فى نشر الإسلام فى جبال النوبة وكذلك الشيخ إسماعيل الولى.واشار إلى أن صلة السودان الثقافية كانت أقوى مع الحجاز والمغرب منها مع مصر.وأن ملوك هذه الممالك شجعوا هجرة الكثيرين من الفقهاء وأهل التصوف من الحجاز والمغرب. ومن المشاهير الذين استقدمتهم الفونجمن المغرب والأندلس عبد الكافى المغربى وحسن ود حسونة الذى وفد من الجزيرة الخضراء إحدى جزر الأندلس. والتلمسانى المغربى وسعدود شوشاى واللبدى.
ولأن سنار سرعان ما أصبحت مركزاً علمياً لسائرمناطق السودان فقد أورد القس سبنسر ترمينغهام فى كتابه “الإسلام فى السودان” أن القرن الثامن عشر قد شهد حدثاً هاماً قام به سليمان سولون مؤسس سلطنة الفوروهوحفر آبار على طول الخط الرابط بين العاصمة الفاشر بالشرق ( أى فى تجاه مملكة الفونج) حتى تلال كاقا وهو عمل قوى خطوط التجارة مع الشرق وربط دارفور بالمراكز الإسلامية هناك مما زاد وتيرة الأسلمة كما زاد حفيده (وخلفه) فى الملك أحمد بكر وتيرة تلك الأسلمة بتشجيع العلماء للقدوم إلى دارفورلتثقيف الناس فى الإسلام. (ص 90-91 من كتاب ترمينغهام).
والخلاصة وفقاً للمصادر التأريخية هى أن ثقافة السودان الشمالى قد تكونت و توطنت بعوامل وطرق متشابهة وفى أزمنة متقاربة دون إكراه وأن الناس قد تخالطت بأقدار تجعل الروابط أوثق من مجرد روابط التراب وقد إنصهرت أعراقهم وتلاقحت عقائدهم الصوفية حتى أصبح المزاج العام مزاجاً سودانياً واحداً فى الأهاجيزوالتراتيل لا تخطؤه عين.و هذه الدرجة من التجانس تفوق ما عليه الحال فى جوارنا الإفريقى وهى كافية لحل الإختلالات الناتجة عن الأخطاء وترسيخ الوحدة الوطنية وخلق إطار معرفى ومرجعية مشتركة لإدارة الدولة.
والخلل الذى وقع بدأ بتنكر النخبة الحاكمة من الوفاء بما التزمت به للجنوبيين بمنحهم حكما فيدرالياً لإقليمهم وكان ذلك شرط قبولهم للبقاء ضمن السودان. اما بالنسبة لأطراف السودان الأخرى فقد بدا التململ بظهور تنظيمات جهوية سلمية خارج نفوذ الحزبين الكبيرين وقاعدتيهما الختمية والأنصارفى دارفور والشرق وفى جبال النوبة وبتشكيلة مسلحة صغيرة عرفت بمنظمة سونى فى جبل مرة . كان ذلك بمثابة ساعة التنبيه (المنبه) التى تستوجب الإلتفات المبكر بالمعالجات فى حينه درأ لأن تكون أعراضاً لعضال أزمات فى المستقبل تسيل لها الدماء وتقتات على خوانها المطامع الإقليمية والدولية التى تروم تمزيق الوطن. إن الإخفاق فى قراءة المآلات المستقبلية للمؤشرات الأولية للأزمة التى نعيشها اليوم , لهو أكثر مظاهر الخلل وضوحاً ندفع ثمنه اليوم دماً وموارد ونزوحاً مدمراً لملايين المدنيين الأبرياء.
إن إخفاق النخب الحاكمة وظلمها الشائن القبيح يفوق إخفاقات النخب المعارضة والمسلحة أضعافاً مضاعفة لكنه لا يسقط مسؤولية أولئك الأخلاقية والسياسية ولا يبرر جريرةالتركيز على أوجه التباين وتضخيم الفوارق الطبيعية المحدودة لما يعرف بالثقافات الفرعية الموجودة فى كل ثقافة والتعويل عليها لمعالجة المظالم ورد الحقوق. أما إنْ اتخذوها مطايا لقطع الروابط المتينة التى صنعتها القرون وتمزيق النسيج الوطنى الجامع توطئة للتجزأة والإنقسام , فتلكم هى الفجرات والغدرات التى تفوق كل الخطايا جرماً ذلك لأن ظلم الحكام لا ينبغى أن يدفع ثمنه الوطن فى وحدته تدميراً ورجعية بغيضة الى عهود العشيرة والقبيلة حيثتبنى الصلات مع المكونات الأخرى على الفوارق لا على المشتركات. ونحسب أنه رغم الغيوم المخيفة التى تنذر بالتجزئة والإنقسام فالفرص لتدارك ما فات وتمتين الروابط بالتراضى وبالعدل والقسطاس المستقيم وعبر الحوارات لا بحد السيف وفوهات البنادق, متاحة وفى وفرةيحتاج إهتبالها لضمائر حيةمن كل الأطراف تسمو فوق الرغائب والمناصب والزعامات لوقف نزيف الدم وتضميد الجراح والإحتفاظ لذرارينا بوطن ينعمون فى رحابه الفسيحة الحبلى بالخيرات بعيش كريم. فلينظر كل منا كسبه قولاً أو فعلاً فى تحقيق تلك الغاية النبيلة ,غاية أن يترك لخَلفه ميراثاً من بلد تقلهم أرضه وتظلهم سماؤه والتأريخ بين أظهرنا يسمع ويرى ويسجل.
الإحالات المرجعية:
عبد المجيد عابدين: تاريخ الثقافة العربية فى السودان
منشورات الخرطوم عاصمة الثقافة العربية 2005 الطبعة الثالثة
Hasan, Yusuf Fadl “Studies In Sudanese History”.Sudatek Limited, Khartoum. 2003. P.40.
Trimingham, J. Spencer. “IslamIn The Sudan”. Oxford University Press, 1949. Pages 90&91